الدعوة بالرفق واليسرالدعوة إلى الله بالرفق واليسر: قبسات نورانية من سورة فصلت الآيات: 32- 33 و34 / بقلم: المفكرة الإسلامية، الأستاذة زينب أبوعقيلالدعوة بالرفق واليسرالدعوة إلى الله بالرفق واليسر تؤدي حثما إلى الاحتضان والاحتواء و الاستقطاب :
يقول رب العزة في سورة '' فصلت'' التي فصل فيها سبحانه كل شيء:
{- و َمن أحسنُ قولا ممن دعا إلى الله و( عملَ صالحا ) وقال إنني من المسلمين.
و لا تستوي الحسنة ولا السيئة ,( ادفع بالتي هي أحسن) فإذا الذي بينك و بينُه عداوة ٌ( كأنه وليٌّ حميم.) و ما يُلَّقاها إلا الذين( صبروا ) و ما يُلقاها إلا ( ذو حظ عظيم) } صدق الله مولانا العظيم
~~~~~~~~~~~~~~
ملخص ما فهمنيَ اللهُ إياه من هذه الآيات المتكاملة في التعايش و ضبط النفس و السلوك، من غير تطاول على شروح المفسرين. بل قد اجتهدت لتقريب عمق مغزى هذه الآيات البينات، من فهم القارئ الذي قد لا يتوفر إما على الوقت أو على شروح أمهات الكتب:
1- {-و َمن أحسنُ قولا ممن دعا إلى الله...} :
فعلا يا ربي و مولاي، ليس هناك مِن قول أحسن من كلمة حق قيلت في وجه الظلم و الانحراف و السلبية، ُبغية إظهار الحق و الحقيقة و نشر الخير و الأمان بين عبادك. فالدعوة إلى الهداية هي( أشرف المهام) على الإطلاق ، لما فيها من إيثار و إحسان، في ظل تعبئة روحية عالية
2- {- وعملَ عملا صالحا وقال إنني من المسلمين} :
فلا يكفي الداعية أن يقول كلمة الحق (بصفة مبطنة أو مطاطة حمالة أوجه) لتضليل الناس و اللعب على الحبلين. فلكي ُيقبل العملُ، فلابد من أن يكون( صالحا وسليما) من النيات المبيتة و (خالصا ) لوجه الله تعالى.
( و هذا معنى :{- وقال إني من المسلمين }: أي من الموحدين السالمين من شِراك الشك و الشرك و الشبهات ، و المخلصين ظاهرا وباطنا، نيةً وقصدا و مظهرا و سلوكا وفعلا و قولا)
ا 3- {- و لا تستوي الحسنة و لا السيئة } :
إن كلمة حسنة لها عدة معاني في القرآن حسب سياق الكلام: فهي تعني عامة العمل الحسن الصالح أو الجزاء عليه و يكون من نفس جنس العمل. وقد تعني الشفاعة . و أما هنا فقد تعني (العفو و الصفح و التسامح) وكلها خصال نابعة من رحم الإحسان و الحمد لله، إذ الحق سبحانه يدعو إلى( المرونة الإيمانية) لجلب الناس إلى طريق الهداية بفكر معتدل وروح متسامحة، و قلب سليم و صدر رحب ، ووجه طلق و لسان رطب و كف كريم( أي رحمة و محبة و لين جانب)
4- {- ادفع بالتي هي أحسن } :
أي ادفع جهلَ المُحاور أو تطاوله أو غباءَه،( بالطريقة المناسبة لذلك الشخص) إذْ لكل إنسان مفتاح لشخصيته: فمنهم من يستجيب للدعوة عن طريق فطرته الإيمانية النقية، ومنهم من يُخضع الحوار إلى المنطق، باستعمال مرونته الفكرية ، و منهم من لا يستجيب إلا بالحجة و البرهان القاطعين ، و منهم من لا يقبل النصح و لا حتى مجرد لفت نظر، و هكذا...
5- {- فإذا الذي بينك و بينهُ عداوة ٌ( كأنهُ وليٌّ ) َحميم } :
و هذا هو مربضُ الفرس و محورُ الدعوة إلى الله ( بالحجة البالغة مع اللين في التخاطب) وبالرفق بالناس، مع فتح الحوار معهم، دون مصادرة لآرائهم و لا إقصاء لوجهات نظرهم.
عندها يصبح الجاهل عالما بما تقدمه له من معلومة ، و الغافلُ متنبها ِلما غاب عن ذهنه من الحقائق، و العاصي نادما على عصيانه. و بالتالي يصبح لك بع دذلك صديقا حميما بل وليا يوالي أفكارك و يناصر آراءَك
{- وما ُيلقَّاها إلا الذين( صبروا)ا وما يُلقَّاها إلا ذو حظ عظيم } :
و للنجاح في هذه المهمة لابد من ممارسة( فضيلة الصبر ) : الصبر على الناس و على تطاول بعضهم ، و الصبر في تبليغ المعلومة كما هي بكل نزاهة فكرية ، و دون ذاتية مقيتة. و الصبر بالوقت و الصحة و بكل التضحيات المشكورة
و بالتالي فهذا المقام لا يناله إلا من ُوفق له و من كان ذا حظ من العلم و الحِلم و المروءة و نكران الذات